ميريانا سبولياريتش.. قائدة العمل الاغاثي المحايد في حماية ضحايا النزاعات المسلحة
ميريانا سبولياريتش.. قائدة العمل الاغاثي المحايد في حماية ضحايا النزاعات المسلحة
في 2025 تتصاعد حدة الأزمات الإنسانية في مختلف مناطق العالم حيث حدد التقرير الإنساني العالمي لعام 2025 وجود ما يزيد عن 190 مليون إنسان في 33 دولة وتسع مناطق تستضيف اللاجئين هم في حاجة إلى المساعدة من قبل المؤسسات والمنظمات الإغاثية والإنسانية من أجل توفير بيئة حياتية أفضل لهم والعمل على تحسين أوضاعهم.
وعلى رأس المؤسسات والمنظمات التي تقدم المساعدة الإنسانية في مناطق النزاعات والصراعات والأزمات يبرز دور الصليب الأحمر الدولي الذي لا يغيب عن أيا من تلك المناطق ويتعدى دوره مجرد تقديم الخدمة الإنسانية والعمل أثار النزاع حيث يتجاوز هذا الدور إلى ماهو أبعد من ذلك من خلال العمل على إنهاء الصراعات من جذورها والوساطة بين أطراف النزاعات وتسهيل الاتفاقيات بينهم وهو ما يظهر واضحا في الحرب على غزة والدور الذي ظهر به الصليب الأحمر في عملية تبادل الأسرى وكذلك الحرب الروسية الأوكرانية.
وفي منطقة الشرق الأوسط من غزة حيث يبذل الجهد الرئيسي للصليب الأحمر ويعتبر ارتكازا للمؤسسات الدولية هناك إلى سوريا الجديدة التي يساهم في معالجة آثار سنوات الصراع فيها واليمن وليبيا والسودان الأزمة المرشحة للتفاقم خلال الفترة المقبلة تتعد الجهود الضخمة للمؤسسة الدولية الهامة.
وراء كافة تلك الجهود الضخمة سيدة هي السويسرية ميريانا سبولياريتش أول امرأة تترأس اللجنة الدولية للصليب الأحمر منذ شهر أكتوبر 2022 والذي كان بمثابة عام التهميد لتفاقم الأزمات والصراعات في العالم التي يعاني منها الملايين في الوقت الحالي.
قبل توليها المنصب في اللجنة الدولية التي يعود تاريخ تأسيسها إلى 1863 وصفها الرئيس السابق بيتر ماورر بأنها قائدة بارعة " وأنا واثق من أنها ستكون مدافعة قوية ورحيمة تجاه الأشخاص المتضررين من النزاعات المسلحة والعنف" وإنها ستجلب للمنظمة “رؤية استراتيجية وخبرة دولية قوية وخلفية دبلوماسية واسعة”.
وعند انتخابها للمنصب قالت هي "سأكون دائبة السعي إلى تسليط الضوء على احتياجات الأشخاص الأكثر ضعفاً وإنصاف فِرق اللجنة الدولية العاملة في أماكن النزاعات حول العالم، بإبراز الأثر الهائل الذي تُحدثه هذه الفِرق على الأرض".
ومع وجودها في المنصب تفجرت الصراعات والحروب التي قدر لها أن تواجهه وكان له دوما نداء خاص إن الحرب ليست مكاناً بلا قانون إن التعامل مع الأطراف المتعارضة واحترام حقوقها ومسؤولياتها وأخذها على محمل الجد أمر أكثر أهمية اليوم من أي وقت مضى.
ووجهت دوما رسائل هامة لوقف الصراعات فهي تؤمن أن كل العمليات العسكرية أو المسلحة التي تستغل معاناة السكان المدنيين لتحقيق أهدافها هي عمليات مستهجنة أخلاقياً إلى حد كبير وضرورة الحفاظ على كرامة الإنسان في كل الظروف.
ووتلخص القيادة لديها في الظروف الصعبة في امتلاك الشجاعة اللازمة لاستخدام الوسائل السياسية لتمهيد الطريق للعودة إلى الحياة الطبيعية و أن الدبلوماسية في نهاية المطاف هي أداة في خدمة السلام.
في 2024 منحت جائزة خريجي جامعة بازل إلى ميريانا سبولياريك، التي عملت، بصفتها رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بلا كلل من أجل الامتثال للقانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين في النزاعات المسلحة.
كما تم تكريمها بجائزة الجسر الدولي لعام 2024 وصعدت وقتها على المنصة وتحدثت للجمهور قائلة "إنني أقبل هذه الجائزة بكل تواضع، وأسير على خطى الحائزين السابقين على الجائزة والذين يرتبط عملهم ارتباطاً وثيقاً بالقيم الإنسانية لمنظمتي.. عندما يتم احترام القانون الدولي الإنساني، يتم إنقاذ الأرواح، وتظل المستشفيات والمدارس مفتوحة، وتعمل الأسواق، وتصبح المصالحة بعد الصراع أسهل".
ومع بداية العام الحالي كان لها نداء إنساني حذرت فيه إن حجم الدمار الذي نراه في مناطق الصراع اليوم يضغط على الأنظمة الدولية حتى تصل إلى نقطة الانهيار لاسيما في ظل وجود أكثر من 120 نزاعاً مسلحاً نشطاً سجلته اللجنة الدولية للصليب الأحمر على مستوى العالم، والعديد منها يتميز بالعنف الشديد والدمار الواسع النطاق والقيود المفروضة على المساعدات الإنسانية.
وفي غزة بذلت السفيرة السويسرية جهودا في عملية التبادل التي وصفتها بالمعقدة وتطلبت اتخاذ إجراءات أمنية صارمة وشهدت عدة تحديات من بينها التعامل مع الحشود الكبيرة والمشاعر المختلفة.
درست سبولياريتش الفلسفة والاقتصاد والقانون الدولي في جامعة بازل وجامعة جنيف وأكملت دراستها بدرجة الماجستير ثم عملت كمساعدة بحثية في كلية الحقوق بجامعة بازل.
في عام 2000، انضمت إلى وزارة الخارجية السويسرية ، حيث شغلت مناصب مختلفة وعملت في البداية في السفارة السويسرية في القاهرة وكانت مسؤولة مكتب البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية والسلامة النووية في وسط وشرق أوروبا.
ومن عام 2004 إلى عام 2006، قامت بالتدريس في مجال الحوكمة العالمية في قسم علم الاجتماع في جامعة لوسيرن.
وبين عامي عام 2010 إلى عام 2012، عينت في عمان كمستشار أول في مكتب المفوض العام للأمم المتحدة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وشملت مهامها التطوير التنظيمي وإصلاحات الإدارة والعلاقات الخارجية.
ومثلت سويسرا في المفاوضات بشأن إصلاحات الأمم المتحدة وميزانية الأمم المتحدة، وفي مجلس الأمن، وفي الجمعية العامة، وفي المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة.
ومنذ أغسطس 2018، شغل سبولياريتش منصب الأمين العام المساعد للأمم المتحدة، ومدير مساعد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومدير المكتب الإقليمي لأوروبا ورابطة الدول المستقلة.